The Telegraph - ترجمة بلدي نيوز
"مضايا"، المدينة المحكوم عليها بالموت جوعاً، تقع على مسافة عشرة كيلومترات فقط من الحدود الغربية السورية، ويمكن لطائرة "هيركوليز" الحربية أن تقطعها خلال أربعين ثانية.
هناك يعيش آلاف السوريين تحت خطر الموت جوعاً داخل بلدتين محاصرتين من قبل النظام السوري وحزب الله، واللذان تماشياً مع أساليبهم المعتادة في حصار المدن قد أشهرا سلاح الجوع ضد مدينتي الزبداني ومضايا.
الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي امتلأت بصور ومقاطع فيديو خرجت من المدن المحاصرة لتوفر دليلاً قاطعاً على معاناة السوريين في تلك المناطق المعزولة تماماً عن العالم وعن متطلبات الحياة.
التيليغراف علمت أن الأسد تكرم (مشكوراً)! بالسماح للأمم المتحدة بإيصال المساعدات يوم الاثنين، ولكن حتى لو حدث ذلك، سيعود الأسد لاستخدام حصار القرون الوسطى كجزء أساسي من استراتيجيته لسحق معارضيه، فلطالما حاصر الديكتاتور السوري مناطق المعارضة في جميع أنحاء سورية، فارضاً عليهم إما الموت جوعاً أو الاستسلام.
لقد تمكن سلاح الجو البريطاني من إلقاء المساعدات إلى جبل سنجار في شمال العراق عام 2014 عندما كان محاصراً من قبل تنظيم القاعدة، وإن استمرت أزمة التجويع الحالية في مضايا والزبداني، فمن المؤكد أن معاناتهم ستتكرر في المستقبل، وعندما يحدث ذلك سيكون الاطفال أول الضحايا التي ستموت ميتة بطيئة ومؤلمة جداً.
كل هذا يثير سؤالاً مهماً هو "لما لا يقوم سلاح الجو البريطاني بإلقاء المواد الغذائية للمدينتين المحاصرتين؟" فإن كانوا يستطيعون إلقاء القنابل فلما لا يساعدون المحاصرين؟ فرغم كل شيء فإن هذه الطائرات ذاتها هي من ألقت بالمساعدات لسنجار في 2014 عندما كان محاصراً.
من جهته، قدم مصدر في وزارة الدفاع البريطانية هذا التفسير لصحيفة التلغراف يوم الجمعة: "كان جبل سنجار يقع في منطقة حيث الحكومة المنتخبة ديمقراطياً في ذلك البلد أرادتنا ان نأتي للمساعدة، أما في مضايا فالوضع مختلف، حيث تختلف الظروف في وسط وجنوب سورية، فهناك صواريخ أرض-جو، وهي تقع في (قلب) منطقة النظام السوري، وأن تبدأ طائرات التحالف بالانطلاق لهناك فمن الممكن أن يكون كارثة كبيرة".
ومن ضمن الأعذار الكثيرة عن عدم القيام بأي عمل تجاه السوريين، لابد أن هذا العذر هو الأسوأ في الإقناع على الإطلاق، ربما المصدر الذي تحدث من الوزارة لم يعلم أن مضايا تستغرق ستة أميال فقط من الحدود السورية الغربية مع لبنان - أي حوالي 40 ثانية في طيارة "هيروكليز"، فهل يعجز سلاج الجو البريطاني عن اختراق الجو المعادي لرحلة تستغرق فقط 80 ثانية؟
أما بالنسبة للقوة المزعومة للدفاعات الجوية السورية، فقد أصبحت هذه إحدى الأساطير الأكثر استمراراً في الازمة، فكل اقتراح بإقامة منطقة حظر جوي لحماية المدنيين من قصف الأسد، ووجهت باعتراض أن مقاتلات الأسد وصواريخ الأرض –جو التي يملكها مستعدة لتدمير أي طائرة تنتهك أجوائها.
أما بالنسبة للحقائق، وبصرف النظر عن الحادثة المتنازع عليها بخصوص الطائرة التركية، لم تطلق الدفاعات الجوية السورية على أي طائرة واحدة انتهكت أجوائها منذ حرب تشرين في عام 1973 أي من أكثر من 42 عاماً.
وخلال تلك السنوات ال 42، قامت إسرائيل بتنفيذ عدد كبير من الضربات الجوية في سورية من دون أن تتعرض لخسارة واحدة، وفي الثلاث سنوات الماضية، استهدفت عشرات الطائرات الإسرائيلية أهدافاً في قلب وحول دمشق نفسها أي في (قلب النظام!) أي نفس العبارة التي استخدمها مصدر وزارة الدفاع البريطانية، وعاد جميع الطيارين سالمين غانمين لإسرائيل.
وفي عام 2007، قامت القوات الجوية الإسرائيلية بشن إحدى أكثر عملياتها طموحاً، حيث دمرت مفاعل نووي عميقاً في شرق سورية، قرب مدينة دير الزور.
كما قصفت الطائرات الاسرائيلية في عام 2003، معسكرات تدريب عسكرية خارج دمشق، وليس هناك حاجة للقول أن كل تلك العمليات العسكرية قد تمت دون أي معارضة من النظام السوري وبمعدل (صفر) خسارة.
ولذلك إن أراد السلاح الجو البريطاني معرفة كيفية التعامل مع الدفاعات الجوية السورية الفاشلة جداً ما عليه سوى استشارة نظرائهم الاسرائيليين.
وبالتالي فإن الدرس واضح تماماً: إذا كان لديك نظام دفاع جوي قوي فيعتبر مجال الأسد الجوي واحد من أكثر الاماكن أمناً في العالم، ولكن طياري سورية من الدرجة العاشرة فهم لا يحمون أجواء وسماء وطنهم بل يرمون القنابل على شعبهم.
ولنكن صريحين إن لم يقم سلاح الجو البريطاني بإرسال المساعدات والمواد الغذائية إلى المحاصرين في سورية، فالأفضل أن يلغي حملته من الأساس.